-
عملية "الدمج" المرتقبة لـ"إيثريوم" مهمّة للعملات المشفرة
في وقت لاحق من هذا العام، ستقوم إيثيريوم بإجراء أكبر تغيير في تاريخها الذي يبلغ عقداً من الزمان تقريباً، في حدث من المؤكّد أنَّه سينتشر عبر كل الأنظمة التي تتعامل مع العملات المشفرة والأصول الرقمية.
"إيثريوم" هي برنامج كمبيوتر يستخدم تقنية "بلوكتشين" لتوفير سجل رقمي لتسجيل المعاملات، باتت الأساس الأكثر شيوعاً لمجموعة متنامية من أصول وتطبيقات التشفير التجارية، بما في ذلك منتجات الإقراض والرموز غير قابلة للاستبدال (NFTs)، بالإضافة إلى رمزها الأصلي، "إيثر".
يعرف عن "إيثريوم" أنَّها ليست مملوكة لأي شخص، فقد أنشئت وطورت من قبل مجتمع من المطوّرين، وهي تعمل من خلال شبكة من مراكز البيانات في جميع أنحاء العالم. تعمل مراكز البيانات هذه كـ"معدّنين" على الشبكة، وتطلب المعاملات التي يتم ترحيلها إلى السجل الرقمي. في المقابل تتقاضى هذه المراكز أتعابها بعملة "إيثر". وقد أُطلق على هذا النظام اسم "إثبات العمل"، أو (proof of work).
يطرح المطوّرون الذين يعملون على تحسين برنامج "إيثريوم"، ترقيات بشكل دوري، إلا أنَّ أياً منها لم يكن بالحجم الكبير كالتي ستطرح بها ترقية هذا العام، التي سُميت "الدمج" (Merge)، حيث سيحل فيها محل المعدّنين ما يسمى بـ"المودعين" (stakers). يطلب المعدّنون المعاملات عن طريق حل العمليات الحسابية المعقدة باستخدام الملايين من الخوادم القوية - وهو نظام انتقد بسبب استخدامه الكثيف للكهرباء.
على النقيض من ذلك؛ سيطلب "المودعون" المعاملات عن طريق وضع "إيثر" الخاصة بهم على نظام جديد، كان قيد الاختبار منذ ديسمبر 2020. يمكن للأشخاص فعلاً استخدام محافظهم الرقمية لإيداع "إيثر" في نظام الاختبار هذا، الذي يسمى سلسلة الكتل "بيكون تشين" (Beacon Chain)؛ وبعد الدمج؛ سيبدأ اختيارهم عشوائياً، ثم يصبحون ما يُعرف بـ"المدققين" (validators)، ويطلبون المعاملات على السجل الرقمي في "إيثريوم" إلى كتل، ويتقاضون أتعابهم بـ"إيثر" الجديدة. وهذا ما يسمى "إثبات الإيداع" أو (proof of stake).
تعتمد القيمة السوقية لـ"إيثريوم" البالغة 415.3 مليار دولار، على سير عملية الدمج بسلاسة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى آلاف الشركات التي تعمل على "بلوكتشين"، بالإضافة إلى ملايين المستخدمين. تم قفل حوالي 121.5 مليار دولار من رأس المال في تطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi) من "إيثريوم"، وفقاً للمتتبع (DappRadar).
وتستخدم معظم الرموز غير القابلة للاستبدال - التي تبلغ قيمتها الإجمالية مليارات أيضاً - "إيثريوم". يقول تشيس ديفينس، المحلل لدى شركة الأبحاث "ميساري" (Messari): "لم يحدث أبداً، في تاريخ شبكات (بلوكتشين)، تغيير حجم انتقال (إيثريوم) من (إثبات العمل) إلى إثبات الإيداع".
أخطاء متوقَّعة
سيكون الدمج مربكاً، لأنَّ أموراً كثيرة قد تسوء. قد تكون هناك أخطاء برمجية أو عمليات اختراق، أو يمكن للمعدنين إنشاء شبكة "إيثريوم" بديلة. خلال ترقية الشبكة لعام 2020؛ قسّم خطأ "إيثريوم" إلى قسمين، مما تسبب في فوضى في أنظمة التمويل اللامركزي الناشئ، والتطبيقات التي تتيح للأفراد التداول والاقتراض والإقراض دون وسطاء مثل البنوك.
من المتوقَّع أن يتم وقف معظم عمليات تبادل العملات المشفَّرة المركزية وعمليات سحب وإيداع "إيثر"، خلال عملية الدمج كإجراء احترازي. قد تتوقف تطبيقات التمويل اللامركزي مؤقتاً أيضاً إذا حدث خطأ ما.
تقول كاتي تالاتي، مديرة البحوث في شركة "أركا" (Arca) لإدارة الأصول الرقمية: "على المرء أن يتوخى الحذر عند حدوث كل الترقيات التقنية لجميع هذه السلاسل الكبيرة.. في نهاية المطاف نحن نتعامل مع تكنولوجيا غير معروفة".
إنَّ المعدّنين هم مصدر معظم المخاوف. قد يغادر الكثيرون الشبكة قبل الدمج مباشرةً معتقدين أنَّ بإمكانهم جني المزيد من المال عن طريق بيع معداتهم بدلاً من انتظار الحصول على آخر المكافآت.
قد يؤدي الانخفاض الحاد في قوة التعدين في الشبكة، أو "معدل التجزئة" (hash rate)، إلى إضعاف أمان "إيثريوم"، مما يؤدي إلى حدوث كارثة تدقيقية لرمزها المميز والتطبيقات المختلفة التي تستخدم الشبكة. خطط مطورو "إيثريوم" لهذا السيناريو. يقول تيم بيكو، عالم الكمبيوتر الذي ينسق عمل مطوري "إيثريوم": "إذا رأينا انخفاض معدل التجزئة؛ يمكننا الدفع بعملية الدمج إلى الأمام.. لقد صمّمت كل البرامج مع خيار للطوارئ".
قد يختار المعدنون أيضاً تفريع "إيثريوم"، من خلال أخذ برنامج "إثبات العمل" الحالي والاستمرار في دعمه. سيؤدي ذلك إلى إنشاء نسختين مختلفتين من "إيثريوم" تعملان بشكل متوازٍ: "إثبات العمل"، و"إثبات الإيداع".
يقول داني جونغ، نائب رئيس "بي آي تي مايننغ" (BIT Mining)، وهي شركة مزودة للتعدين، تقوم أيضاً بتوسيع خدماتها لتشمل خدمات الإيداع: "نعتقد أنَّ (إثبات العمل) و(إثبات الإيداع) سيتعايشان لفترة من الوقت بعد التبديل".
إرباك وحيرة
في هذا السيناريو، يمكن أن تكتنف عمليات تبادل العملات المشفَّرة والمستخدمين، الإرباك والحيرة من أمرهم بشأن سلسلة "إيثر" التي يمتلكونها أو يتداولونها. سيعني وجود شبكتين أنَّ هناك المزيد من العمل أمام مطوري التطبيقات، كما يقول ديتر شيرلي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في "دابر لابس" (Dapper Labs)، الشركة المصنّعة للعبة تربية القطط القائمة على "إيثريوم"، "القطط المشفرة" (CryptoKitties). يقول شيرلي: "إنَّ حدوث تفريع مثير للجدل، من المحتمل أن يسرّع خروجنا من أنظمة إيثريوم".
سيؤدي إغلاق السلسلة القديمة لـ"إيثريوم" إلى إرسال موجات من الصدمة عبر صناعة العملات المشفَّرة. ومن خلال البحث عن استخدامات أخرى لمعداتهم، سينقل المعدّنون أجهزتهم إلى سلاسل أخرى مماثلة مثل "دوج كوين"، و"لايت كوين"، و"مونيرو".
قد يستفيد المستثمرون من عملية الدمج. إذ يقول بيكو، إنَّ عدد العملات المشفَّرة الجديدة الصادرة على "إيثريوم" كمكافآت لطلب المعاملات سينخفض 50% إلى 90%، إذ ستقدّم سلسلة (إثبات الإيداع) مكافآت أقل.
اقرأ المزيد: لبنان يأمل جمع 15 مليار دولار من الصندوق النقد والمؤسسات الدولية
سيتمكّن "المودعون" من استخدام عملة "إيثر" التي يتلقونها كمكافآت لإتمامهم طلب المعاملات، ولكنَّها ليست "إيثر" التي يودعونها حالياً، على الأقل حتى إصدار ترقية جديدة للبرنامج، والمتوقَّع صدورها بعد ستة أشهر أو نحو ذلك من الدمج. لذا؛ فإنَّ المودعين غالباً سيحتفظون بـ"إيثريوم" التي يملكونها لفترة أطول مقارنة بالمعدّنين، الذين سيحتاجون على الأرجح إلى بيع بعضها لتغطية تكاليف الكهرباء، كما يقول كايل سماني، المؤسس المشارك لشركة "مولتيكوين كابيتال" (Multicoin Capital).
بعد الدمج، يجب أن ينخفض استهلاك الطاقة لشبكة "إيثريوم" بأكثر من 99%. لطلب المعاملات على شبكة "إثبات الإيداع"، يمكن للمدقق استخدام كمبيوتر محمول متطور بدلاً من مصف الخوادم.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!